mardi 10 janvier 2012

طموح الرفاق دون مطمعنا

آمنت بمشروع الثورة قبل قيامها و بذلت بعض المخاطر في سبيل تحقيقها.. لم تكن مخيلتي قد تنامت آفاقها حتى تحدد أبعادها و النتائج التي تتمخض عنها.. كنت لاثور من اجل ديني الذي هو محور حياتي و من اجل استرداد شخصيتي التي نهبها المتغرب و اعيش في جو تعددي دون تعصّب.. تعرفت على أكثر من صديق يحمل هم إسقاط دولة الإستبداد و استرجاع الحقوق و الحريات المسلوبة.. لم أفكر يومها و لا احسب أن أصدقائي فكروا في البطون الخاوية او الأيادي العاطلة فهمنا الحرية و العدل همنا أن لا يعيش الإنسان مستعبدا بلا صوت يعبّر عنه و ان يدرك حقّه من دون جور و ان نعيد لوطننا امجاده و ننصف تاريخه.. جاءت الثورة و اعتقدت أني سأصيب غايتي غير أني لم اجد من ذلك شيء... فتحولت المسألة الدينية في الوسائل الإعلامية مجرد قضية هامشية و الهوية إنما هي إستقطابات سياسوية و العدل و الحرية ليست بالقضايا الآنية فاليوم معالجة كل الأمور تعود للصراعات الطبقية فنحن المتسولون من نعرف في كل يوم أكثر من مجاعة و أطفالنا يعانون نقص المناعة نثور من اجل الجوع و العطش فتونس دولة منكوبة حدثونا انها تصارع من اجل احتلال مرتبة مشرفة في ذيل الدول حتى نكون و لا فخر أفقر دول العالم و في الشاشات حرية الإعلام بواكي يندبون حظهم العاثر الذي جعلهم ينتسبون لبلد إسمه تونس و يكررون على ألسنتهم تهميش تهميش و يرسمون أنفشهم طير بلا ريش عراة حفاة معجزة كل من فيهم أنه استطاع أن يعيش... هي ثورة شبيهة بثورة الجياع في عصر الفراعنة لإسقاط بيبي الثاني و اضرب بالتطور الإنساني عرض الحائط و دع عنك تخاريف الحرية و العدل و الكرامة و المساواة فهي شعوذات بالية و ليست بقيم إجتماعية فالقيم الإجتماعية أكذوبة و ما هي إلا قيمة واحدة لا غير: الأكـــل.
إنه جحود بما إن صح التعبير عنه بالثورة المحمدية التي جاءت لتنتشل الإنسان من ظلمة الجهل إلى نور اليقين فلم تجعل من الإنسان بهيمة او روبوت.. بل هي ثورة قائدها رسول موحى إليه من رب العزة و اتباعه رجال أفذاذ ناصروا من بعث رحمة للعالمين.. إن الثورة تبنت مشروع او رسالة أعادت للإنسان إنسانيته فكرمته و استرجعت له حريته و أجابت عن كل ما يخالج صدره و لم يمنع كل ثائر من التمسك بالثورة و الانتصار لها رغم الجوع حتى ربطوا بطونهم بحجر إلى أن أرست الثورة على بر الأمان.. قدمت الثورة المحمدية للإنسان النموذج الحضاري الذي تفرّد عن سابقيه فلا يذوب فيه فرد و لا يظلم أحد.. ثورة كان نصيب الفرد فيها إشباع لروح و العقل و البطن و كان نصيب المجموعة وحدة الصف و الوفاق... فكل مسلم عاش هذه الثورة بقلبه يريد أن يعيشها بأركانه فلا يرضى بأن تعرفه بمجرد كائن يميل لراحة و الكسب المادي.. فإن دافع كل ثائر في هذه الثورة لم يكن أبدا دافعا ماديا فتعرض البعض إلى خسارة مكانته الإجتماعية و مكانته الإقتصادية و تعرض آخرون لتهجير و الموت و الدافع مكسب معنوي فالمكسب هو انتشار الفكرة او بتعبير آخر الدعوة الإسلامية و اول من حمل الفكرة أبو بكر الصديق رضي الله عنه و أرضاه و هو من كرام القوم... هذه الثورة و دون الإسترسال في تفاصيلها هي منطلق مشروع هدفه الوصول لكل فرد على المعمورة و اليوم بشكل او بآخر كل مسلم يحتاج إسترجاع النفس الثوري لثورة المحمدية ليعمل على استمراريتها و امتدادها إلى كل أصقاع العالم.

مع إنطلاق الثورة التونسية كانت أولويتي المساهمة في إسقاط النظام و على رأسه وزارة الداخلية و الحزب الحاكم و الوصول لأول انتخابات تفرز إرادة شعبية يمكن أن تمثل اولى المعطيات الموضوعية لبناء تصورات و اتخاذ مواقف سياسية للوضع التونسي و من ثم يبدأ مشوار سياسي يحافظ على جو ديمقراطي و نعود للبيت فرحين مسرورين... و لكن على اثرها وجدت الثورة التونسية لم تكن معزولة بل نحن في اطار استمرارية ثورية لثورة المحمدية فالغاية إنسانية و عالمية تحيي في الانسان كل القيم الكونية من الحرية و العدالة و المساواة لا بالمعايير الدولية لأنظمة الظلم بل بالمعطى القراني و تيقنت أن السبب من البداية لم يكن الجوع و الغايات المادية فحسب بل شمل غايات أسمى بداية من جملة القيم الإجتماعية إلى القيم الإسلامية من التوحيد و التعبد لله سبحانه و تعالى و الجهاد و الدعوة و لابد من التذكير في هذا المقام أن أول ما جعل التونسي يسب علنا الوزير و المستشار هو حادثة التلوث الصوتي و أن اول ما جعل التونسي يرفض النظام علنا هو صور جامع المركب الجامعي بالمنار فالتونسي يدرك بفطرته ان ما عشناه هو فترة ذروة الثورة المضادة لثورة المحمدية و أننا اليوم نعيد إستمرارية الثورة المحمدية فالرفاق من اختزلوا الثورة التونسية في جملة مطالب اجتماعية أقول لهم ما قاله المجرم عبد الله صالح: فاتكم القطار.. فنحن ثوار لثورة امتدادها الزمني سابق ل17 ديسمبر و لن نتخلى عن الثورة المحمدية.. إن المشروع الإسلامي هو المحرك و الدافع الرئيسي للمسلم و اليتخيل القارئ تمسكنا بها من غير وعي فما بالك و اليوم بوعي بعدما شهدنا امتداد الثورات و ما يمكن أن تقدمه للإنسان في العالم.. إن الثابت عندي اليوم اننا و الرفاق لسنا في ذات السفينة فكل و اتجاهه فنحن بوصلتنا استمرارية الثورة المحمدية و أسلمت العالم و بوصلتهم انهاء الصراع الطبقي و تحويل الشعب التونسي إلى شعب إشتراكي