lundi 26 décembre 2011

التغيير الايجابي


التغيير الإيجابي مطمع كل فرد أو إمجموعة مع انه في البداية يحدث شيئا من الارتباك فالطفل الذي يسكن فينا يميل إلى المكان الذي وجد فيه و النظام الذي تعود عليه فما إن يغيره و إن كان إلى الافضل حتى يملئ العالم صراخه و لا ينقطع بكاؤه إلى أن تأتي عليه لحظات التعب فيستكين و يبدأ بوضع جملة من المقارنات بين الوضع القديم و الجديد و يسعى بكل شكل إلى التأقلم مما قد ينسيه الوضع الاول و يتعلق بالوضع الثاني.. و هكذا هي الثورات فهي تغيير إيجابي تحدث ارتباكا في مستويات عدة لكن تعب الامم غير تعب الطفل فقد تكون الثورة الدواء القاتل فينهك الشعب و تتدهور حالته ما يمنعه من بلوغ مرحلة الرصانة و التفكير فإما يستعجل في بناء ديكتاتورية أو يسقط في سجن الفقر المذل و هذا ما اخشاه على الثورات العربية.

إن شعبا عربي يخرج ضد طاغية و أزلامه فينادي باسترجاع حقوقه المهضومة و ينادي بالحرية لا يمكن أن تفسر حمله لثيوقراطيين على الاكتاف و تعلقه بمن يجعل من الحرية كفرا إلا مجرد ارتباك... إن شعبا عربي عانى التهميش و التصحر الثقافي الذي يسمح بامتداد جذور الديكتاتورية و عانى من مرحلة طويلة من تجفيف و تلويث المنابع و من ثم لا يجعل للامر مقاما يذكر فيبقى مستحمرا أبد الدهر لا أرجع الأمر إلا للارتباك


الجهل بالوضع القادم عائد إلى صورة ذهنية مشوشة فإما جهل كلي بالوضع المستقبلي أو صورة متخيلة مبنية على قراءة لحقبة زمنية ( هذه الصورة المتخيلة تبني مفارقة عجيبة فصورة الدولة الإسلامية كما هي مثالية عند الإسلامي لتمسكه ببعض مشاهد يرى فيها مطلق العدل و الحرية و الكرامة أيضا هي تمثل صورة سوداوية عند العلماني الذي يرى فيها تسلط ديني و تضييق على الحريات الفردية و تحجر و ركود فكري) و هذا أمر طبيعي في ثورة لم تسبقها مرحلة الثورة الثقافية و الفكرية فلم ترسم معالم الصورة و إنما جعلت شعوبنا ماضية إلى المجهول في طريق وعر موحش مما يجعل من الكثير يستسلم و يرتمي في حضن آمن بيقين أنه يحمله إلى مكان أكثر امنا فالعلماني يرتمي في حضن أشد المتطرفين العلمانيين و في مخيلته سيحمله إلى مكان شبيه بما يراه في فرنسا و الاسلامي يرتمي في حضن أشد المترطفين الإسلاميين و في مخيلته سيحمله إلى زمان شبيه بما جاء في الاثر عن الخلافة العمرية.. إن الامر شبيه بمن أسقط بيتا قائما و من ثم أجبر بمعدات يسيرة أن يبني بيتا أفضل من السابق و هذا من ذون أي عون لا من مهندس معماري و لا من عملة فلا يدرك من أين ينطلق و ما الذي سيكون عليه عمله فلن ترى غير الحيرة في وجهه و لن يرمقك بغير نظرة العاجز الذي ما ان تعرض شيئا من المساعدة حتى يؤمنك على كل شيء فهو غريق استسلم في بحور العجز و انت و ان كنت قشة سفينة الامن و السلام.. فالامر لا يعود للإيمان بقدرات من عرض المساعدة بقدر ما يعود إلى عجز المعروض عليه المساعدة و بالتالي من الخطأ أن نقيم ساحة سياسية أو طرف سياسي في ظل جو الارتباك...

الثورة يومها لن تكون ثورة إلا و قد جعلت من الانسان يذهب العجز الذي اعتراه بثقة و همة تعانق عنان السماء فالارتباك سيذهب ما إن تعرض الصورة جلية و يمد بآليات تجعله يخط المسار بنفسه دون الارتماء في حضن احد و بذاك يستعيد المرء شخصيه و يحفظ كرامته فكل فاعل سياسي يجب ان يكون امينا في تعامله مع شعبه فلا يسعى لمغالطته و يستغل ما به من عجز كالذي يستغل فقر فتاة ليفقدها عذارتها فيراعي فهم الناس و يتعامل بكل موضوعية و لا يكون كذئب تحين الفرصة لينقض على فريسته فيكون التعامل الموضوعي في مباشرة الأسباب الحقيقية لقيام الثورة دون الانشغال باستنساخ تجارب كما هي فإنسان الامس غير إنسان اليوم و الإنسان هنا غير الانسان هناك فالإنسان اليوم في ظل عصر العولمة و التطور التكنولوجي له جملة من المتطلبات لم تكن موجودة في القرن الماضي و الانسان هنا بثقافته العربية الإسلامية غير الإنسان هناك بثقافته الغربية النصرانية ... فالتجارب الناجحة تقدم جملة من الحلول يحتاج معها المرء إلى إعمال فكره ليلامئها مع واقعه و يكيفها مع الجو الذي هو فيه و بعد استكمال العمل بالحلول سنجد مطابقة في العموميات و اختلاف في التفاصيل... اما أن يشغل السياسيون الحركات الإسلامية المنتصرة بعدّ نسب النجاح فهذه قراءة خاطئة لمعطى مغالط فالجو المربك لا يعطي الحجم الحقيقي لكل طرف فقد يكون حجمهم اكبر من الذي تحصلوا عليه أو يكون دون ذلك و الحجم ليس فقط في نسبة التمثيل و إنما في نوعية التمثيل فالناخب لا يصوت للإسلامي فقط لتمثيل الشكلي بل لتحقيق غايات في نفس الناخب و معرفة تلكم الغايات كما أسلفنا بالعودة إلى الحالة التي كان عليها قبل الثورة و التي دفعته ليثور على الظالم فعلى السياسيين و الحركات الإسلامية ( أذكرها بشكل خاص لأنها تنتصر في غالب الاقطار العربية) أن يحققوا أهداف الثورة و شيئا فشيئا تتضح معالم الصرح الجديد و يكون للإستقطاب معنى و يكون اختيارهم في قادم الايام نابع من ثقة في القدرات و لم لا يكون طموحهم بخلق تجربة جديدة لها أصل و لكنها متفردة يستفيد منها الانسان فتكون تجربة عالمية يرى فيها الانسان مهما كان دينه أو عرقه يرى في تلكم التجربة حلولا واقعية فيستلهم منها عمله الاصلاحي أو الثوري في وطنه

في الختام حينما اتهم الثائر في مرحلة ما قبل الهدوء او ما كنيتها بالارتباك بأنه يعتريه شيء من الحيرة و العجز و الخوف هذا في نظري ليس استنقاصا من الثائر و إنما توصيف واقعي و مراعاة لطبيعة الانسان و ليس تشكيكا في خياراته كانتخاب النهضة في تونس أو حزب الحرية و العدالة في مصر فهو فوز منتظر قبل الثورات العربية يبقى أن النتيجة او النسبة هي التي تبقى مثار جدل و ننتظر فترة الهدوء لتكون نسبا دقيقة و معبرة و نجاح هذه الاحزاب في مسارها السياسي أساسا و في المحافظة على طرحها عبر الاستثمار الفكري و المعرفي هو الضامن لاستمرار ثقة المواطن بهم و ان رفع غيرهم شعارات سقفها اعلى من سقفهم فالإنسان في حال الهدوء لا يميل لشعارات بل يؤخذ وقتا طويلا في دراسة كل طرح و كل شعار و ياتي بمقارنات و مقاربات و ان اقتنع بأمر فيدفع ممثليه الى ذاك الخيار دون ان يختار غيرهم فلا بد اليوم أن يتحمل حكماء الامة و علماؤها و الساسة الصادقون مسؤولية حمل الثائر العربي إلى مرحلة ما بعد الارتباك و هي مرحلة الهدوء حتى يعود الثائر الحق كما قال الشعراوي و حتى يكون ثائرنا كما قال احدهم: الأيدى المرتعشه لا تبنى والنفس الخائفه لا تبدع وصاحب النفس الخائفه دائما ترتعش يداه فلا تبنى ولا تبدع.. والأيدى لا ترتعش مع
 العدل والنفس لا تخاف مع الامن والامان والاستقرار ....   هكذا نحصل تغييرا إيجابيا دونما ضرر للإرتباك

1 commentaire:

  1. اعجبتني هذه الجملة كثيرا ((و لم لا يكون طموحهم بخلق تجربة جديدة لها أصل و لكنها متفردة يستفيد منها الانسان فتكون تجربة عالمية يرى فيها الانسان مهما كان دينه أو عرقه يرى في تلكم التجربة حلولا واقعية فيستلهم منها عمله الاصلاحي أو الثوري في وطنه)) وهذا هو المطلوب منا، أن يكون مشروعنا عالمي ما دمنا ندعي أننا نحمل الخير للبشرية جمعاء.

    RépondreSupprimer